وفقاً لتقرير مراسل وكالة الأنباء فارس لقسم الفنون المرئية أن الكتاب المصور "التبادل" هو حكاية تصويرية عن اطلاق صراح خمسة أسرى لبنانيين وعودتهم إلى أراضيهم، وقد تم توثيق هذا الكتاب بكاميرا الأخوين "وحيد فرجي" و"سعيد فرجي".
يتحدث هذا الكتاب حول قصة اطلاق صراح وتبادل الأسرى اللبنانيين الخمس "سمير قنطار"، "حسين سليمان"، "خضر زيدان"، "ماهر الكوراني" و"محمد سرور" الذين كانوا قد اعتقلوا لسنوات في سجون الكيان الصهيوني، حيث سافر هاذان المصوران عدة مرات إلى لبنان لتصوير كافة الأحداث قبل وبعد هذا الحدث.
إن تصوير الأحداث التي تدور في دولة لبنان عمل له جاذبيته الخاصة بالنسبة لي
قال وحيد فرجي في حديث له مع مراسل وكالة الأنباء فارس لقسم الفنون المرئية حول دافعه للسفر إلى لبنان والتصوير هناك:
إن هذه الأرض تجذبني من جوانب مختلفة، فهي دولة رغم صغرها، إلا أنها تضم تاريخاً وتنوعاً طائفياً، سياسياً ومذهبياً، وقد ارتبط بها مصير بعض القوى والدول في الحاضر والمستقبل.
كنت قد قررت في تلك الأيام تصوير لبنان وحياة الناس في هذا البلد وذلك من أجل رسالتي الجامعية، وبعد عام بدأت حرب الـ 33 يوماً اللبنانية، فذهبت مرة أخرى مع أخي سعيد إلى لبنان، وقمنا بتصوير الحدث، كما قمنا بعد الحرب أيضاً بتصوير الانتصار وإعادة اعمار لبنان. لقد قمنا كذلك إلى جانب التصوير بصناعة أفلام وثائقية حيث شاركت أنا في حوالي 10 أفلام منها حول الوضع في لبنان، سواء كباحث، مصور أو مخرج حتى طرحت قضية تبادل الأسرى، فشعرنا بضرورة تصوير هذا الحدث، وذلك لأن حرب الـ 33 يوماً كانت قد وقعت لهذا السبب. بناء على ذلك، قمنا بتصوير أحداث تبادل خمسة أسرى لبنانيين ومن بينهم "سمير قنطار" والذي كان يعتبر أقدم أسير لبناني.
كان كتاب "التبادل" ثمرة مشروع تصويري عن لبنان استمر ست سنوات
أوضح وحيد فرجي في حديثه عن النحو الذي تعاون به مع مؤسسة مصوري الثورة والدفاع المقدس قائلاً: لقد تناقشنا مع مؤسسة مصوري الثورة والدفاع المقدس حول صور كتاب "التبادل"، وعندما شاهدوا حجم الصور بعد انتهاء التصوير أعلنوا أن هذه الصور يمكن أن تتحول إلى كتاب، ولذلك تم عقد الكثير من الجلسات لاختيار الصور، اصلاحها ووضع مسار قصصي لها، أعمال الجرافيك، تنظيم صفحات عرض الصور وحتى شرح الصور، إلى أن تم نشرها في نهاية الأمر على نحو جيد، بل وأصبح الكتاب أساساً لنشر كتب تصويرية أخرى لمؤسسة مصوري الثورة والدفاع المقدس.
أشار هذا المصور إلى الوقت الطويل الذي استغرقه نشر هذا الكتاب وقال: لقد استغرق هذا العمل من الوقت ثلاثة أعوام منذ أن بدأنا تصوير أحداث تبادل الأسرى اللبنانيين وحتى نشر الكتاب، وعلى الرغم من طول هذه المدة، إلا أن كتاب "التبادل" قد خرج في النهاية بشكل جيد جعل منه أساساً لأعمال أخرى تابعة للمؤسسة.
استمر فرجي قائلاً: لقد مضت ست سنوات منذ اليوم الأول الذي سافرنا فيه إلى لبنان لتصوير هذا البلد وحياة الناس فيه وحتى الأن، أي أن مشروع تصوير كافة أحداث لبنان قد استمر حوالي ثلاث سنوات، ومشروع تصوير أحداث عملية التبادل ونشر كتابه قد استغرق هو الأخر حوالي ثلاث سنوات أخرى.
أعلن حزب الله أنه يدفع ثمناً من أجل معتقداته
أوضح فرجي فيما يخص عملية تبادل الأسرى والشهداء اللبنانيين قائلاً: لقد صورنا في لبنان أحداث عملية التبادل التي استغرقت أسبوعين والتي ضمت أحداث ما قبل التبادل، عملية التبادل نفسها وما تبعها من أحداث. في هذه الأثناء، وإلى جانب عملية تبادل الأسرى اللبنانيين الخمس ومن بينهم سمير قنطار، تم تبادل حوالي 200 شهيد لبناني يعود تاريخ استشهاد بعضهم إلى 25 عاماً مضت، حيث كانوا يحاربون في مجموعات وأحزاب مختلفة. إن حزب الله قد أعلن أنه يدفع ثمناً من أجل هذه الأحداث سواء كان أسرى أو شهداء.
إن شرح صور كتاب "التبادل" موثق ويمكن الرجوع إليه
أوضح فرجي أن شرح صور كتاب التبادل لا يقل أهمية عن الصور نفسها وقال:
لقد قمنا بشرح الصور بدقة بالغة وبالرجوع إلى التاريخ وقضية حرب حزب الله. إن نص الكتاب ليس مجرد توضيح بسيط إلى جانب الصور، بل هو موثق بشكل كامل وجدير بالاهتمام ويمكن الرجوع إليه من قبل الباحثين والمهتمين بتاريخ لبنان.
كتاب "التبادل" هو كتاب وثائقي مصور لأحداث ما قبل الحرب اللبنانية وحتى أحداث ما بعد عملية تبادل الأسرى
تحدث وحيد فرجي عن الفرق بين ما قام به من تصوير لأحداث عملية تبادل الأسرى اللبنانيين، وما قام به غيره من المصورين من تصوير لهذه الأحداث وقال: لقد تواجد الكثير من المصورين أثناء عملية التبادل وقد قاموا بتصوير هذا الحدث، لكن هذا النحو الذي قمت به من التصوير المستمر لأحداث ما قبل الحرب، أحداث ما بعد الحرب، ما قبل عملية التبادل، أثناء التبادل وما بعد التبادل بشكل كامل ومتوالي استمر لنحو ثلاث سنوات، هو عمل يعتقد الكثير من المصورين والخبراء أنه لم يتم من قبل، ومن هنا يعتبر كتاب "التبادل" عملاً فريداً من نوعه.
الصور "الأبيض والأسود" تنقل الاحساس بشكل أفضل
أوضح فرجي سبب كون صور كتاب التبادل من نوع الصور "الأبيض والأسود" قائلاً: إن التصوير الأبيض والأسود له بعد أكثر فنية، كما أن الصور التي تكون في أجواء فنية وتبتعد عن التصوير الخبري، غالباً ما تكون صوراً "أبيض وأسود"، إلا أن هناك بعض المصورين أيضاً يقومون بتصوير الوثائقيات الاجتماعية بتقنية التصوير الأبيض والأسود للاقتراب من الحدث. من ناحية أخرى، فإن عدم وجود ألوان يتيح للمشاهد ادراك احساس الصورة بعيداً عن تأثير الألوان، أي أننا قد استطعنا نقل حس المكان إلى المخاطب دون الاستعانة بالألوان، في حين أن احتواء الصور على ألوان أحياناً ما يتسبب في زيادة ونقصان الاحساس الموجود في الصور، ونحن أردنا أن نكسر حاجز اللون في الصور ليتم التواصل معها بشكل أفضل.
تحدث وحيد فرجي عن العمل المشترك مع أخيه سعيد فرجي وقال: أقوم أنا وأخي بالتصوير بشكل مستقل، وكانت مشاريعنا التصويرية في لبنان أيضاً بشكل مستقل تماماً، وكان تصوير أحداث عملية التبادل هو العمل المشترك الوحيد الذي جمع بيننا، حيث شعرنا أن العمل المشترك سوف يزيد من ثقله.
كان موضوع "المقاومة الإسلامية" جذاباً بالنسبة لنا
ذكر فرجي أن أحد العوامل التي جذبته للتصوير في لبنان هو موضوع "المقاومة الإسلامية" في هذا البلد وقال: كان للمقاومة الإسلامية طابعاً خاصاً بالنسبة لنا. إن حزب الله والمقاومة الإسلامية هي أقرب حركة نرتبط بها من الناحية الثقافية، المذهبية والتاريخ المشترك.
إلى جانب ذلك فنحن لدينا معرفة بقضية المقاومة الإسلامية على مدار ما يقرب من 15 عاماً، وكان موضوع المقاومة الإسلامية جذاباً بالنسبة لنا، لذلك فقد سافرت إلى لبنان لأول مرة بنقود كنت قد حصلت عليها كجائزة في إحدى المسابقات للصور، وبعدها حاولنا استكمال المشروع التصويري في لبنان باستثمارات شخصية.
أوضح هذا المصور إمكانية الاستمرار في هذا المشروع التصويري في لبنان وقال: لقد أنتهى هذا المشروع الأن، لكن في حال مرور عشر سنوات على هذه الأحداث يمكن تتبع أثار الشخصيات التى أتى ذكرها في هذا الكتاب، كما يمكن استكمال العمل في حال وقع حدث جديد أخر في هذه المنطقة.
يتطلب تصوير الحرب والأزمات دافع قوي للغاية
أوضح فرجي فيما يخص دافع تواجد المصورين في مناطق الحرب والأزمات والتي يصاحبها الكثير من المخاطر قائلاً: لكل شخص دافعه الخاص، فأحياناً ما تسوق المصورين إلى مناطق الحرب والأزمات دوافعهم المادية، وأحياناً أخرى دوافعهم الروحية، لكن هذا الدافع على أية حال يكون قوياً، حتى أن المصور يكون على استعداد للتضحية في سبيل هذا الدافع بأعز وأثمن ما يمتلكه في الحياة وهو روحه، لذلك يجب أن يكون التصوير في ظل هذه الظروف أغلى عند المصور من حياته.
أضاف فرجي قائلاً: أحياناً ما يقدم بعض المصورين على هذا العمل بدافع الشهرة، لكن على أية حال يكون من الواضح أن الشهرة بالنسبة لهم أغلى عندهم من حياتهم، حيث يكونون على استعداد للتضحية بها في سبيل القيام بالتصوير في ظل هذه الظروف.
التواجد في الحرب بالنسبة لي تجربة غريبة ونادرة
أما بالنسبة لي فالحرب تجربة غريبة. إن الموت قد يكون أمراً محتمل الحدوث لأي شخص، إلا أن هذا الاحتمال يصل إلى درجاته القصوى في ظل ظروف الحرب، فهناك احتمال في كل لحظة للاصابة بطلقة نارية، تماماً كما كان حالنا أثناء حرب لبنان عندما كنا نتنقل بسيارة كان من المقرر أن توصل 250 لتراً من البنزين لسيارة المراسلين الصحفيين، حيث كان تعرض هذه السيارة لأقل اهتزاز يعقبه موت لحظي لنا. إن هذه التجربة لا تتكرر أبداً، حتى أثناء حدوث الفيضانات ووقوع الزلازل.
لكن من ناحية أخرى، فإن تصوير الشعب اللبناني وأسر الشهداء الذين تعرضوا للظلم يستطيع من وجهة نظري أن يكون خطوة في انتشار أخبار الظلم الواقع عليهم في أنحاء العالم المختلفة، وبذلك أكون قد أديت واجبي كمصور. إنني كذلك عندما أؤمن بحركة مقاومة حزب الله، فإن أي نشاط لي في اطار هذه الحركة يجعلني أشعر بالفخر والسعادة.
أعلن وحيد فرجي في نهاية الحوار عن احتمال إقامة معرض لصور كتاب "التبادل" في كل من طهران وبيروت وقال: يمكننا بعد طباعة كتاب التبادل أن نفكر في اقامة معرض للصور التي اشتمل عليها الكتاب في كل من طهران وبيروت وسوف نقدم على اقامة هذا المعرض في حال توافرت الظروف اللازمة.
وفقاً لتقرير وكالة الأنباء فارس أن أحداث تبادل الأسرى في لبنان تعود إلى عام 1385، حيث قام أبطال المقاومة الإسلامية فجر يوم 21 من شهر تير لعام 1385 بأسر جنديين من جنود الكيان الصهيوني المحتل للقدس بهدف خلق أرضية ملائمة لتبادل واعادة الأسرى من أمثال "سمير قنطار". كان قنطار يعيش في سجون الكيان الصهيوني الغاصب منذ عام 1357، ويعتبر أقدم أسير لبناني. إلا أن هذا الكيان الغاصب بدأ حرباً شاملة على لبنان في أقل من 24 ساعة ليسترد جنوده دون قيد أو شرط.
عندما عاد الشعب اللبناني إلى مدنه بعد انتهاء حرب الـ 33 يوماً، قاموا باعداد حفل كبير تحت شعار "النصر الإلهي"، ولم يؤثر تهديد الكيان المحتل باستهداف الحفل واحداث تفجيرات فيه أقل تأثير على حضور الشعب لهذا الحفل.
روى سعيد ووحيد فرجي الذين كانا قد حضرا هذا الاحتفال عن مشاركة آلاف اللبنانيين في مراسم خطبة السيد حسن نصر الله في الاحتفال المقام تحت شعار "النصر الإلهي".
لم يكن حزب الله في لبنان قد أعاد جنود الكيان الصهيوني بعد مرور عامين من انتهاء حرب الـ 33 يوماً، وفي نهاية الأمر وافق هذا الكيان الغاصب على عملية تبادل لجنوده المختطفين في مقابل مجاهدي حزب الله.
تم نشر الكتاب المصور "التبادل" ملحقاً به شرح للصور باللغتين الفارسية والإنجليزية في 144 صفحة، من جانب دار نشر "الساقي" ومؤسسة مصوري الثورة والدفاع المقدس.
المصدر: وكالة الأنباء فارس